بقلم / كواعب أحمد البراهمي
الأم ليست فقط التي تلد , وإنما الأم هي التي تربي . فإذا نجحت الأم في التربية فقد قامت بدور الأم علي أكمل وجه , ولكن من قصرت وأهملت ,أو تركت تربية الأبناء وعرضتهم للفشل من أجل تحقيق نجاحها هي فقط أومن تخلت عن دورها لأي سبب كان لا تستحق أن تكون أم .
بالطبع لا نقصد ظلما لأحد فلا يكلف الله نفسا إلا وسعها فالبعض يتم حرمانها من أمومتها رغما عنها أو تكون بين خيارين أحلاهم مر فتختار البقاء علي قيد الحياة بكرامة .
وفي المقابل كثير جدا من الأمهات لم ينجبن , فكم من أخت توفيت أمها وتولت تربية أخوتها الصغار وتحملت فوق طاقتها وأعطت الحنان والحب , وكم من خالة , وكم من زوجة أب , وكم من عمة , وكم من جدة . وكم من البشر قامت بدور الأم حتي بدون صلة قرابة .
فالله سبحانه وتعالي خلق في كل أنثي شعور الحنان والعطف .ولكن تبقي الأم هي الأم حتي في الحيوانات تبقي الأمومة وتبقي الرحمة .
كثير جدا منا عندما يكبر والديهم يذهبون لزيارتهم والسؤال عنهم كأداء واجب , أو بالحب فعلا ولكن دون وجود وقت للحديث معهم , وربما يجدون في حديث الأم أو الأب عدم العقلانية أو عدم المعايشة للواقع أولا يرغبون مشاركتهم في الحديث عن الذكريات , وليس لدي الأبناء صبر علي سماع تلك الكلمات التي يرون أنها لا فائدة منها خصوصا مع تقدم الوالدين في العمر .
وكثير جدا من الأبناء أيضا لا يخرجون مع والديهم للتنزه , وذلك بحجه الوقت الضيق أو الإنشغال بالعمل , أو التعب في المشي مع شخص عجوز , أو يعتقدون أن مكوث الأباء في المنزل افضل لهم , فماذا سيرون أن خرجوا للشارع والذي أصبح مزدحم وغير مريح .
وسأقص عليكم شئ حدث معي في هذا الأمر , فمنذ أربعة أشهر تقريبا لا أدري هل حملت أثقالا بطريق خاطئة أو ماذا فعلت بيدي ولكن فجأة أصبحت تؤلمني بشدة , عند المرفق والعضلة التي فوق المرفق وحتي أصابع اليد , ولا أستطيع تحريكها ولا إستعمالها حتي في إمساك كوب الشاي , ولا حتي الورقة ,ولا حتي أحتمل أن أقفل بها باب السيارة من شدة الألم وأصبحت أعتمد علي يدي اليمني فقط في كل شئ , وانتظرت فترة والالم مستمر وعملت آشعه وما وجدت شئ , حتي نصحني طبيب بأن الآشعة لابد أن تكون علي فقرات العنق , ولكن ما عملت آشعة آخري , ولكن يوما ما جلست بطريقة
نصف نائمة وأنا أستعمل اللاب , فوجدت الألم أخف , واستمريت علي ذلك فذهب الألم بدون علاج , وأكتشفت أن السبب هو الجلوس كثيرا والكتابة علي اللاب أو الجلوس بالمكتب .
المهم في تلك الفترة التي كنت لا استطيع إستعمال يدي إطلاقا كنت آخذ أمي معي لحمل المشتروات من السوق من خضار وخلافه , وعندما شفيت أصبحت أذهب بمفردي , ووجدت أنها أحيانا تقول لي أذهب معك , فأرد عليها سأشتري وأنا راجعة من المكتب , ويوما أتصلت بها أن تلبس لأني سأمر عليها لنشتري الطلبات , وأقسم بالله شعرت من صوتها أنها كطفل صغير سيذهب للملاهي مع والده , فعلا الأم والأب عندمل يكبران يسعدان بالخروج مع أولادهم بنفس القدر الذي كنا نسعد به ونحن صغار عندما كانوا يقولوا لنا ألبسوا لنخرج .
ومنذ ذلك الوقت أصبحت حريصة علي تخرج معي حتي مرة كل أسبوع , ونصيحة لكل بنت أو أبن , أخرج مع والدتك , فربما الأب يذهب للمسجد أو ينزل للشارع لأي سبب , ولكن الأم تحتاج من يرافقها , فحتي لو كانت كبيرة السن ’ أخرجوا معها ولو كل شهرين مرة فتري الشارع والحياة وتستعيد الذكريات , لا تجعلوهم يشعرون أنهم ينتظرون الموت .
فهم مهما كان إحتياجهم لشئ , كثيرا جدا يستثقلون أن يطلبوا من أولادهم , فيجب علي الأبناء مراعاة ما يحتاجون حتي ولو لم يطلبوا منهم شئ .
وبعض الأباء والأمهات سريعي الغضب أو سيئي الطباع , فلا يجب أن نعاملهم بالمثل أو نبتعد عنهم لأن ليس بنا طاقة علي تحملهم , لأننا مشغولون , بالعكس يجب أن يري أولادنا رحمتنا بأهلينا , ليتعلموا كيف يكون الود والرفق والطاعة لمن هم أكبر سنا وخصوصا الوالدين .
والله سبحانه وتعالي جعل برالوالدين مقدم علي أي شئ فقد قال سبحانه ( وإن جاهداك علي أن تشرك بي ماليس لك به علم فلا تطعهما , وصاحبهما في الدنيا معروفا ) .
وإذا نظرنا إلي تلك الآية فقد فرض الله حسن المعاملة حتي لو كان الوالدان كافرين . وسوف يدخلان النار ويعصيان الله , بل ويطلبان من الابن أن يكفر , فيجب أن نصاحبهما في الدنيا معروفا . ولكن حاليا تحدث أشياء كثيرة جدا , ليس فيها طاعة لله , سواء عن عمد أو بدون قصد . وكثيرا جدا من الأبناء يغضبون آباءهم , ويضايقونهم دون عمد .
وكثيرون طبعا يعاملون أباءهم معاملة حسنة , لأن الأبناء بداخلهم فطرة حب الوالدين , ولكنهم قد يتشاغلون أو ينشغلون فعلا , وتمر الأيام ويتفاجئون برحيل الأب أو الأم ويندمون ولكن بعد فوات الأوان . أنصحكم ونفسي بالإهتمام المعنوي والمادي بالأم والأب .
وربنا يبارك في كل أم وفي جميع أمهاتنا , ويرحم من رحلوا , وكل عام وأنتم جميعا بخير .